الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة سرق النصراني من النصراني مزمارا: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله لأن الله تعالى يقول: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] فلا يقطع النصراني في سرقته من النصراني إلا فيما يقطع به المسلم في سرقته من النصراني أو المسلم ألا ترى أنه لو سرق منه خمرا أو خنزيرا لم يقطع فيه وإن كان ذلك مالا لهم يحكم بغرمه على من استهلكه لهم على المشهور في المذهب وبالله التوفيق. .مسألة سرق جلد ميتة مدبوغا: قال: ومن سرق جلد ميتة مدبوغا إنه يقطع إذا بلغ ما يقطع فيه وقد قال ابن القاسم في غير هذا الكتاب إن كان فيه من صنعته ما تكون قيمته ثلاثة دراهم قطع وإلا لم يقطع. قال محمد بن رشد: قوله إنه يقطع إذا بلغ ما يقطع فيه يدل على جواز بيعه وأنه يطهر بالدباغ طهارة تامة تجيز لبسه والصلاة به وبيعه إذ ضعف عنده الاختلاف في ذلك حتى لم يره شبهة يدرأ الحد عنه بها، والقول الثاني الذي ذكره من غير هذا الكتاب أنه لا يقطع إلا أن تكون قيمة ما فيه من صنعة ثلاثة دراهم هو قوله في المدونة وفيه نظر؛ لأن الصنعة مستهلكة فيه لا يمكن أن تفصل منه فتهلك، ألا ترى أنه لا يجيز على قوله وروايته عن مالك في أنه لا يطهر بالدباغ إلا للانتفاع به ببيعه أصلا ولا بقيمة ما فيه من الصنعة فكان القياس على القول بأنه لا يباع ألا يقطع فيه على حال، ولو قيل إنه لا يقطع على مذهب من يجيز بيعه مراعاة لقول من لا يجيز بيعه لكان لذلك وجه ويتحصل فيه على هذا ثلاثة أقوال وبالله التوفيق. .مسألة السفينة يركب فيها الجماعة فيسرق بعضهم من بعض: قال ابن القاسم في السفينة يركب فيها الجماعة كل إنسان منهم على متاعه قد أحرزه كله تحته فيسرق بعضهم من بعض قال زعم مالك أنه إن سرق منه وهو عليه قطع، وإن قام فسرق منه وقد قام عنه فلا شيء عليه. قال محمد بن رشد: السفينة مشتركة بين الركاب فيها، فالحكم في السرقة منها حكم السرقة من صحن الدار المشتركة بين السكان فيها يحاص إن سرق بعض الركاب فيها من متاع بعض وهو على متاعه قطع وإن لم يخرج بما سرق عن السفينة وإن سرقه وهو قد قام عن متاعه لم يقطع وإن خرج به عن السفينة، وإن سرق أجنبي من السفينة شيئا من متاع أحد وصاحب المتاع على متاعه فأخذ قبل أن يخرج بما سرق قبل أن يخرج من السفينة قطع على اختلاف، وإن كان سرقه وصاحب المتاع ليس على متاعه لم يقطع باتفاق، وأما إن خرج بما سرق من السفينة فيقطع كان صاحب المتاع على متاعه إذ سرقه أو لم يكن عليه، وقد مضى بيان هذا في أول سماع ابن القاسم وطرف منه في رسم كتاب السرقة من سماع أشهب وبعض ذلك كله يبين بعضا. .مسألة اتزر بإزار فأخذ في البيت والإزار عليه ثم أفلت من أيديهم: وسئل عن سارق دخل بيت رجل فاتزر بإزار فأخذ في البيت والإزار عليه ثم أفلت من أيديهم فخرج من الدار والإزار عليه علم به أهل البيت أو لم يعلموا، قال: لا قطع عليه إذا أخذ فأفلت من أيديهم علم أهل البيت أن الإزار عليه أو لم يعلموا فرواها محمد بن خالد عن ابن القاسم. قال محمد بن رشد: هذا بيِّن على ما قاله؛ لأنه لم يخرج به على وجه السرقة، وإنما خرج به مختلسا له، فوجب ألا يقطع. .مسألة يدخل بيت رجل فأكل من الطعام ما يكون ثمنه أكثر من ربع دينار: وسئل عن السارق يدخل بيت رجل فأكل من الطعام ما يكون ثمنه أكثر من ربع دينار فيؤخذ خارجا من الدار، فقال: لا قطع عليه، وعليه العقوبة وغرم ما أكل. قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله؛ لأن ما أكله في الحرز فقد استهلكه ولا منفعة له فيه إذا خرج به، بخلاف الدينار يزدرده في الحرز، هذا يقطع فيه إذا خرج به؛ لأنه ليس بمستهلك له بازدراده إياه وبالله التوفيق. .مسألة يسرق بساطا من بسط المسجد التي تطرح في رمضان: قال محمد بن رشد: ساوى في هذه الرواية بين البساط الذي يطرحه الرجل في رمضان في المسجد ليصلي عليه ثم يأخذه وبين ثياب الذين يدخلون الحمام في أنه لا قطع على من سرق ذلك إلا أن يكون معها صاحبها أو يكون عليها حارس، وقال في الحصير إنه إذا كان معه صاحبه فالقطع على من سرقه إذا احتمله من موضعه وإن لم يخرج به من المسجد، وسكت في ذلك عن الحمام، وفيه تفصيل قد مضى في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم، وهو الفرق بين أن يدخل للسرقة أو ليتحمم ولم يحكم في هذه الرواية للحصير الذي يضعه الرجل في المسجد ليصلي عليه في رمضان ثم يأخذه بحكم حضور المسجد، وقد قيل: إنه يحكم له بحكمها فيدخل ذلك من الاختلاف ما يدخل في الفطرة توضع فيه فتسرق منه، وقد مضى بيان هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم، وأما ما طرح في المسجد من البسط في رمضان ومن الحصر المحبسة عليه لترفع منه بعد رمضان فلا اختلاف في أن حكمها في السرقة حكم حصور المسجد الثابتة فيه في رمضان وغيره وقد مضى تحصيل الاختلاف في ذلك في أول رسم من سماع ابن القاسم وبالله التوفيق. .مسألة لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل: قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله لا اختلاف فيه للنص الوارد في ذلك عن النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ من قوله: «لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن»، ومبيت الراعي بماشيته إذا جمعها وبات عليها مراح لها في وجوب القطع على من سرق منها، وإن لم يكن ذلك مراحها المعلوم؛ لأنه بمنزلته في المعنى. .مسألة السرقة من حوانيت السوق التي تدخل بغيرإذن: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن من سرق من موضعٍ أُذن له في دخوله فليس بسارق، وإنما هو خائن. .مسألة سرق من رجل طعاما فلقيه بغيرالبلد الذي سرقه فيه: قال ابن القاسم قال مالك من سرق من رجل طعاما فلقيه بغير البلد الذي سرقه فيه فليس على السارق أن يعطيه إياه إلا بالبلد الذي سرقه منه فيه، قال ابن القاسم قال مالك: إلا أن يتراضيا على مثل ما تراضيا عليه في السلف. قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه أنه ليس للمسروق منه إلا مثل طعامه في البلد الذي سرق منه وإنما اختلف إذا وجد طعامه بعينه في غير البلد الذي يسرقه منه على ثلاثة أقوال، أحدها أنه ليس له إلا مثل طعامه في البلد الذي سرقه منه، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في سماع سحنون من كتاب الغصب، والثاني أنه مخير بين أن يأخذ طعامه وبين أن يضمنه مثله في البلد الذي سرقه منه فيه وهو قول أشهب في سماع أصبغ من كتاب الغصب، والثالث الفرق بين أن تكون البلد بعيدا أو قريبا وهو قول أصبغ، وقد مضى القول على حكم العروض والحيوان في ذلك في السماعين من الكتاب المذكور فلا معنى لإعادته. .مسألة يدخل البيت فيأخذ دينارا فيزدرده ثم يخرج من الدار: قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله؛ إذ ليس ازدراده إياه باستهلاك فهو بخلاف الطعام يأكله في الحرز، وقد مضى هذا في رسم أسلم وبالله التوفيق. .مسألة ساق غنمه من مراحها إلى مسرحها فسرق منها أحد: قال محمد بن رشد: وكذلك على قياس قوله لو سرق منها شيء في خروجه بها من مراحها إلى مسرحها، وهي في الطريق قبل أن تصل إلى المسرح، وقال ابن حبيب قال أصبغ ومن ساق غنمه من مراحها إلى مسرحها فسرق منها أحد قبل أن تخرج من بيوت القرية إنه يقطع، وكذلك إذا ردها من مسرحها إلى مراحها فإذا سرق منها بعد أن أدخلها القرية وخالطت البيوت وهو يسوقها فإنه يقطع وإن لم تدخل المراح، وقول ابن القاسم أظهر من جهة المعنى، وذلك أن القطع إنما سقط عن السارق فيها إذا كانت في مسرحها؛ لأن الراعي لها لا يقدر على حفظها؛ لتفرقها في المرعى فصارت مهملة في غير حرز، فإذا جمعها وساقها في الطريق كان كونه معها سائقا لها حرزا لها كالمراح، وقول أصبغ أظهر من جهة الاعتبار بالدليل؛ لأن في قوله في الحديث فإذا آواها المراح فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن دليل على أنه لا قطع فيها قبل أن يأويها المراح، وقول ابن القاسم أولى بالصواب؛ لأن القياس يقدم على الدليل، إذ قد قيل إنه لا يجب الحكم بدليل الخطاب وبالله التوفيق. .مسألة الزرع إذا جمع وكان في حظير إن على سارقه القطع: قال محمد بن رشد: قوله: إن الزرع أو الثمر إذا جمع أو جد وكان في حظير إن على سارقه القطع وإن ترك بموضعه لم يحمل بعد إلى الجرين لا أعرف فيه نص خلاف، وقد ذكرنا في رسم المحرم أن الخلاف قد يدخل في ذلك في المسألة التي ذكرناها من كتاب محمد وقوله: إنه إذا كان في الفحوص من غير حظير ولا باب يغلق ولا جرين فلا قطع فيه هو مثل ما تقدم في رسم المحرم من سماع ابن القاسم خلاف ما في رسم كتاب الحدود من سماع أشهب، وقد ذكر ابن المواز الروايتين جميعا، واستحسن رواية ابن القاسم وذكر ابن حبيب الروايتين جميعا وقال إن أصبغ أخذ برواية ابن القاسم مثل ما استحسن ابن المواز، وقد ذكرنا فيما مضى من رسم المحرم أن من الناس من ذهب إلى أن ذلك ليس باختلاف من القول، وأن ذلك إنما يرجع إلى الفرق بين أن يجمع الزرع إذا حصد بعضه إلى بعض ويربط على ما قاله في كتاب ابن المواز، وبين أن يحصد ويترك في موضعه دون أن يجمع أو يربط وبالله التوفيق. .مسألة سرق غزلا فنسجه ثوبا أو سرق لبنا فعمل منه جبنا أو سرق كتانا فغزل منه ثوبا: قال محمد بن رشد: مذهب ابن القاسم في السارق أو الغاصب إذا أفات ما سرقه بعمله فيه أن ذلك إن كان مكيلا أو موزونا فسواء أخرج فيه شيئا من ماله سوى العمل كالسويق يلته بسمن وما أشبه ذلك أو لم يخرج فيه من ماله شيئا سوى العمل كالحديد يعمل منه سيوفا والفضة والذهب يعمل منها حليا وما أشبه ذلك ليس للمسروق منه إلا المثل فيما سرقه له إلا أن يكون العمل يسيرا مثل القمح يطحنه فاختلف في ذلك قوله، مرة قال يأخذه مطحونا ومرة قال ليس له إلا مثل قمحه. وأما العروض فيفترق الأمر فيها عنده بين أن يخرج فيها شيئا من ماله سوى العمل كالثوب يصبغه وما أشبه ذلك أو لا يخرج فيها شيئا من ماله سوى العمل، فأما ما أخرج فيه من ماله شيئا سوى العمل فمرة قال: هو فوت ليس لربه إلا قيمته، ومرة قال هو مخير بين أن يدفع إليه قيمة الصبغ ويأخذ ثوبته، وبين أن يلزمه قيمته يوم سرق منه، وأما ما لم يخرج فيه شيئا سوى العمل، فإن كان يسيرا أخذه معمولا كالرفو والخياطة في الثوب، وإن كان كثيرا كالخشبة يعمل منها أبوابا أو توابيت وما أشبه ذلك فليس للمسروق منه إلا قيمتها، والغزل عنده كالعرض وإن كان مما يوزن، هذا قوله في هذه الرواية وفي تضمين الصناع من المدونة، وقال غيره فيه: إن عليه في الغزل مثله، هذا تحصيل مذهب ابن القاسم في هذه المسألة، وأشهب لا يفرق في هذا بين المكيل والموزن وبين غيره من العروض ولا بين ما أخرج فيه من ماله سوى العمل أو لم يخرج فيه سواه، ويرى من حق المسروق منه والمغصوب أن يأخذ متاعه معمولا ومصبوغا وملتوتا، ولا شيء عليه في عمل السارق ولا في ما أخرج فيه من ماله، إذ قد افتات فيه ولا يقدر على نزعه منه، وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس لعرق ظالم حق». .مسألة سارق سرق عصفورا: قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة لا إشكال فيها ولا التباس في شيء من معانيها، إلا أنه إن كان له مال لزمه أن يغرم لصاحب الثياب قيمة ثيابه، ولصاحب الزعفران مثل زعفرانه قطعت يده أو أتى تائبا فلم تقطع يده، وإن لم يكن له مال سوى ذلك تحاص صاحب الزعفران وصاحب الثياب فيها على قدر قيمة ما لكل واحد منهما، فإن قطع لم يكن لهما عليه شيء، وإن أتى تائبا ولم يقطع اتبعاه ببقية حقوقهما دينا ثابتا في ذمته وبالله التوفيق. .مسألة تى إلى أرض قوم فضرب فيها طوبا بغير إذنهم: قال محمد بن رشد: أما البئر فكما قال على المعتدي ردمها وله نقضها إلا أن يشاء رب الأرض أن يعطيه قيمة نقضه منقوضا ويبقى البئر لنفسه على حالها فيكون ذلك له، وأما إن أخذ المعتدي بردم البئر فليس له أخذ النقض بقيمته؛ لأنه إذا نقض كان صاحبه أحق به، وأما الذي عمل القلال والطوب في أرض الرجل فقوله: إنه لا شيء عليه فيها، فمعناه إذا لم يكن للتراب الذي عمل منه الطوب والقلال قيمة، وأما إن كانت له قيمة فعليه قيمته مع كنس الأرض وإصلاحها وتعديلها وردها إلى ما كانت عليه أو غرم قيمة ما أفسد فيها إن لم يمكن إصلاحه وبالله التوفيق. .مسألة سرق ولا يمين له ولا يسار هل يقطع رجله: محمد بن رشد: اتفق مالك وأصحابه فيما عملت على أن السارق يقطع في السرقة يده اليمنى ثم رجله اليسرى ثم يده اليسرى ثم رجله اليمنى فإن سرق بعد ذلك ضرب وسجن وحبس، وقد جاء عن النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ أنه يقتل بعد الرابعة وليس بالثابت، ولم يقل به أحد من أصحاب مالك غير أبي مصعب، وسواء كانت سرقاته من رجال شتى أو من رجل واحد أشياء شتى أو شيئا واحدا سرقه من رجل واحد بعد أن عاد لحرزه إذا كانت سرقته الثانية بعد أن يقطع في الأولى، وأما إذا سرق سرقات قبل أن يقطع فقطع في أحدها فذلك القطع يجزي لكل سرقة تقدمت كان قد رفع فيها أو لم يرفع، فإن سرق وهو أشل اليدين والرجلين ضرب وحبس، وإن سرق وهو أشل اليدين جميعا أو مقطوع أصابعهما أو أصبعين من كل يد فأكثر، فاختلف هل تقطع رجله اليسرى أو اليمنى فقال ابن القاسم في هذه الرواية إنه يقطع رجله اليسرى لأنها كانت تقطع أولا يده اليمنى ثم رجله اليسرى أو على ما اختاره من قول مالك في السارق يسرق وهو أشل اليد اليمنى إنه يقطع رجله اليسرى على ما كان يقوله أولا ثم رجع إلى أن تقطع يده اليسرى، فعلى قياس هذا القول إذا سرق السارق وهو أشل اليدين قطعت رجله اليمنى، وظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية أن الذي اختاره من قول مالك في السارق يسرق وهو أشل اليد اليمنى أن تقطع رجله اليمنى على القول الذي رجع إليه مالك خلاف اختياره في المدونة، وحكى ابن حبيب عنه قولا ثالثا وهي التفرقة بين أن تكون يده اليمنى شلاء أو مقطوعة في قصاص، فإن كانت شلاء قطعت يده اليسرى وإن كانت قطعت في قصاص قطعت رجله اليسرى، ولا فرق عند مالك بين أن تكون يده اليمنى شلاء أو مقطوعة في قصاص، واختلف قوله في ذلك اختلافا واحدا، واختيار أصبغ أن تقطع يده اليسرى كانت اليمنى شلاء أو مقطوعة في قصاص على القول الذي رجع إليه مالك، قال لا يقطع من السارق رجل ما دام له يد لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وقد مضى في أول سماع عيسى الاختلاف إذا أخطأ الإمام أو القاطع على السارق فقطع شماله هل يجتزي بذلك أو لا يجتزي به فيكون على المخطئ عليه الدية في ماله ويقطع يمينه، والاختلاف أيضا على القول بأنه يجتزي بذلك إن سرق بعد ذلك هل تقطع رجله اليسرى أو اليمنى حتى يكون من خلاف فلا معنى لإعادة ذلك. .مسألة أقر بسرقة هل يقطع بغير تعيين: قال محمد بن رشد: قوله في هذه الرواية إنه إذا أتى تائبا مستهلا يقطع بغير تعيين يبين ما مضى من قول مالك في رسم كتب السرقة من سماع أشهب، وقد مضى الكلام على ذلك هنالك مستوفى فلا معنى لإعادته. .مسألة عبد مملوك أوصي له بعتق فسرق بعد ما مات سيده: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله ولا اختلاف فيه لأن المال لو تلف قبل أن ينظر فيه لم يعتق من العبد إلا ثلثه وبالله التوفيق. .مسألة يدعي قبله السرقة فيصالح على الإنكار لها ثم يأتي رجل فيقر أنه الذي سرقها: قال محمد بن رشد: قوله إن ثبت على إقراره قطع يدل على أنه إن رجع لم يقطع، وفي ذلك اختلاف قيل إنه لا يقبل رجوعه إلا أن يقول إنما أقررت لوجه كذا وكذا، والقولان في المدونة، وقوله في آخر المسألة وإن أقر بها على الضرب وعينها ثم أنكر فلا قطع عليه. قال محمد بن رشد: قوله إن ثبت على إقراره قطع يدل على أنه إن رجع عنه لم يقطع، وفي ذلك اختلاف؟ قيل إنه لا يقبل رجوعه يدل على أنه يقطع إذا عين على الضرب، وفي ذلك اختلاف، وأما قوله إنه لا يقطع إذا أنكر فلا اختلاف فيه، والأصل في هذا أنه في الموضع الذي يقطع باختلاف يقبل رجوعه فيه باتفاق وفي الموضع الذي يقطع فيه باتفاق يقبل رجوعه فيه على اختلاف وقد مضى تحصيل القول في هذا في رسم كتاب الحدود من سماع أشهب وبالله التوفيق. .مسألة نشر في الدار ثوبا نشره بعض الأشراك فسرقه أجنبي: قال محمد بن رشد: قوله فيما نسيه بعض الأشراك في هذا الدار أو نشره فسرقه سارق إنه يقطع إذا أخرجه من الدار ليس بأمر متفق عليه، قد قيل إنه لا يقطع، وكذلك اختلف أيضا إذا سرق أجنبي من بيت من بيوت سكان الدار فأخذ في الدار قبل أن يخرج منها وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في أول رسم من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته. .مسألة أضاف الضيف وأدخله داره فسرق من بعض منازل الدار: قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنها حوانيت تفضي إلى الدار بأبواب فيما بينها وبينها فأضاف ضيفا في حانوت منها وبقية الحوانيت مغلقة دونه فسرق منها، فقوله إنه لا يقطع وإن لم يكن نازلا فيها هو مثل قوله في المدونة في الذي أضاف الضيف وأدخله داره فسرق من بعض منازل الدار التي قد كان خزن فيها متاعه، وأقفل عليه أنه لا قطع عليه؛ لأنه خائن وليس بسارق، وفي ذلك اختلاف قد قيل: إنه يقطع إذا أخرج المتاع من حرزه وصار بيده وإن لم يخرج به من الدار، وهو قول سحنون؛ لأنه أشبه عنده الشركاء في ساحة الدار إذا سرق أحدهم من بيت صاحبه شيئا فخرج بما سرق إلى ساحة الدار، وحكى عبد الحق في المسألة قولا ثالثا تأوله على ما في المدونة، وقال: إنه قول مالك في كتاب ابن المواز، وهو أنه لا يقطع حتى يخرج به من جميع الدار وهو بعيد، إذ قد مضى في المدونة وكتاب ابن المواز على أنه خائن وليس بسارق، ولا يقطع الخائن على حال. .مسألة العبد يسرق من مال ابنه الحر: قال محمد بن رشد: هذا ما لا اختلاف أحفظه فيه في المذهب لقول النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أنت ومالك لأبيك»، والحدود تدرأ بالشبهات فكما لا يحد إذا وطئ أمته، لا يقطع إذا سرق ماله، ومما يتعلق بهذه المسألة سرقة العبد من مال ابن سيده، وقد مضى الكلام على ذلك في رسم سعد في الطلاق من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته، وأجاز عبد الله بن عبد الحكم نكاح الرجل أمة ابنه إذا وقع ولم يفسخه، ولم يتابعه على ذلك أحد من أصحاب مالك وبالله التوفيق.
|